ماذا تقصد بالمدينة الذكية؟
المدينة الذكية والمستدامة هي مدينة مبتكرة تستخدم تقنيات المعلومات والاتصالات وغيرها من الوسائل لتحسين نوعية الحياة، والخدمات الحضرية، والقدرة التنافسية مع احترام احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
يعرف الاتحاد الأوروبي المدن الذكية بأنها تلك المدن التي تجمع المدينة والصناعة معا لتحسين الحياة في المناطق الحضرية من خلال حلول متكاملة أكثر استدامة، ويشمل ذلك ابتكارات تطبيقية وتخطيطا أفضل واتباع منهجية أكثر تشاركية وكفاءة.
ثم إن مفهوم "المدن الذكية" مرتبط في الأذهان بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلا أن الأدبيات التي تتناول الاستدامة غالبا ما تنتهي إلى أن "المدن الذكية" تعتبر المرحلة الأحدث في تطور فكر الاستدامة والمدن الخضراء.
ويمكن تقسيم هذا التعريف إلى أربع عناصر أساسية:
-
البنية الأساسية والمعلوماتية لتكنولوجيا المعلومات؛
-
مجتمع المعرفة والمدينة الرقمية؛
-
الاستدامة واستخدام وسائل بديلة للطاقة، صديقة للبيئة؛
-
إمكانية التحكم واتخاذ القرارات إلكترونيا.
في سنة 2017 أطلقت كل من IMD وجامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم (SUTD)، مبادرةً لإنتاج مؤشر للمدينة الذكية يوفر تركيزًا متوازنًا على الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية للمدن الذكية من ناحية، و'الأبعاد الإنسانية 'المدن الذكية (جودة الحياة، البيئة، الشمولية)، وقد جاءت مدينة الرباط عاصمة المملكة في المركز 105 من أصل 109 مدينة شملها التصنيف.
الأطر المرجعية للمدن الذكية في المغرب:
تعود أصول مفهوم المدينة الذكية إلى المؤتمر الأوروبي للمدينة الرقمية لسنة 1994، والذي أشار لأول مرة للمفهوم مع تدشين الأوروبيين لمشروع المدينة الرقمية الأوروبية في عدد من المدن بعد سنتين من عقد المؤتمر.
أما وطنيا، فقد ورد المفهوم في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش يوم 30 يوليوز 2008، حيث جاء فيه: "ندعو الحكومة إلى اعتماد إستراتيجية جديدة في المجال الصناعي والخدماتي وتنمية تكنولوجيات العصر، تقوم على الاستغلال الأمثل لما تتيحه العولمة من فرص تدفق الاستثمار، وتهدف إلى تقوية المقاولة المغربية وتشجيع الاستثمار الصناعي الحامل للقيمة المضافة، وفتح المجال أمام الاقتصاد الوطني، لاقتحام أنشطة صناعية جديدة ذات تقنيات مبتكرة، وأسواق واعدة، لتصدير منتجاتها وخدماتها. فعزمنا يوازي طموحنا، لإدماج المغرب بمقاولاته وجامعاته، في الاقتصاد العالمي للمعرفة”.
وقد كان الخطاب بمثابة إطار مرجعي للعديد من الاستراتيجيات (السياسة العامة) أبرزها إطلاق مشروع المغرب الرقمي سنة 2013، والذي يهدف إلى حكامة المرافق العمومية من خلال الاعتماد على الرقمنة في الخدمات المقدمة للمرتفقين، والعمل على إرساء صناعة تكنولوجيات الإعلام، كما تضمنت محورين مواكبين للمحاور السابقة تتعلق بتنمية الرأسمال البشري وإرساء الثقة الرقمية .ومشروع المغرب الرقمي 2020، وإحداث العديد من الهيئات ذات الصلة بالمشروع، من بينها: وكالة التنمية الرقمية، واللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وقد احتل المغرب المرتبة 100 من أصل 176 بلدا على صعيد مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والإتصالات للاتحاد الدولي للإتصالات التابع للأمم المتحدة.
وبالرجوع إلى تاريخ المغرب مع التطوير الرقمي، نجده أول بلد إفريقي يُطلق مبادرة حكومة المعطيات المفتوحة سنة 2011 عبر إطلاق البوابة الإلكتورنية www.data.gov.ma ، والذي تحول إلى https://www.gouvernement-ouvert.ma/
على المستوى التشريعي:
انضم المغرب إلى العديد من الاتفاقيات الهادفة إلى التسريع الرقمي، أبرزها: اتفاقية بودابيست لمحاربة الجريمة الإلكترونية في أكتوبر 2018، واتفاقية الاتحاد الإفريقي المتعلقو بالأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية.
أما على مستوى القوانين فقد تعززت الترسانة التشريعية بالعديد من القوانين ذات الصلة، أبرزها:
-
القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعطيات ذات الطابع الشخصي، والذي يهدف إلى تنظيم اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي؛
-
كما يشكل إصدار القانون رقم 61.16 المحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية، وتهدف هذه الوكالة إلى تعزيز التنسيق بين السلطات العمومية والهيئات المعنية بتنفيذ استراتيجية الاستثمار في مجال التنمية الرقمية والتحفيز عليه، وتوفير الخبرة اللازمة للفاعلين في مجال الاقتصاد الرقمي قصد تعزيز قدرتهم التنافسية؛
-
القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، لاسيما المادة 10 منه، والتي تلزم المؤسسات والهيئات المعنية، كل واحدة في حدود اختصاصاتها، بنشر الحد الأقصى من المعلومات التي في حوزتها والتي لا تندرج ضمن الاستثناءات الواردة في المادة 7 من هذا القانون، بواسطة جميع وسائل النشر المتاحة خاصة الإلكترونية منها بما فيها البوابات الوطنية للبيانات العمومية. وهي إشارة إلى أهمية النشر الاستباقي وتقريب الإدارة عبر الرقمي.
نبذة عن المنظمة:
منتدى كفاءات من أجل التنمية والديمقراطية هي جمعية وطنية، تم تأسيسها من طرف مجموعة من الشباب المغربي، وليس له أهداف عقائدية ولا نقابية، ويتمتع المنتدى بفكر تحرري وذلك تماشيا مع أهدافه التي تنص على الحرية الاعتقادية والفكرية للأفراد والجماعات، الذين يؤمنون بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، والساعين إلى ترسيخ أسس الحوار بين الثقافات والأديان وعلى المستوى الوطني والدولي.
ووعيا بأهمية العمل المشترك بين المنتدى وكافة الشركاء، من دعم للتنمية الديمقراطية والمؤسساتية، وسيادة الحق والقانون، والحقوق الإنسانية، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والمساواة بين الرجال والنساء. وإعمالا للمبادئ المحصنة للعمل المدني بما فيها الشفافية، الإدارة الرشيدة، العقلانية، الحكامة الجيدة، الحداثة، ومبدأ المساواة بين الجنسين، ومبدأ التعدد والاختلاف الإيجابي والتنوع الثقافي واللغوي لمكونات المجتمع، يشتغل المنتدى كهيئة حقوقية تسعى إلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ويهذف المنتدى إلى:
-
ترسيخ وتعزيز القيم المتعلقة بالكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية والمساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية؛
-
العمل على تقوية ممارسة المواطنة وحقوق الإنسان؛
-
فتح فضاءات الحوار لفائدة الشباب والشابات في مجال الديمقراطية التشاركية وتبادل التجارب والخبرات مع شباب العالم؛
-
المساهمة والانخراط، إلى جانب المؤسسات والهيئات الوطنية والدولية، في الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات؛
-
تشجيع وتنظيم أنشطة إشعاعية وثقافية في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية؛
-
تدبير المياه وجمع النفايات وحماية الملك الغابوي والمجال الإيكولوجي من الضياع؛
-
إحداث شبكات للعمل والمعرفة تجمع بين الفاعلين الاجتماعيين والمؤسساتيين؛
-
تأطير دورات تكوينية في مجال العلوم والإعلام؛
-
المساهمة في الإدماج الاقتصادي والمهني للمهاجرين واللاجئين المقيمين بالمغرب؛
-
الانخراط في المنتديات والجامعات والتظاهرات الدولية للدفاع عن أهداف المنتدى؛
-
الاهتمام بالطفولة والشباب والعمل على تنمية قدراتهم ومهاراتهم؛
-
المساهمة في تقديم دروس الدعم والتوجيه المدرسي لفائدة التلاميذ والطلبة بالمؤسسات التعليمية والجامعات؛
-
تأهيل المرأة وخلق فرص وأنشطة تتيح لها المجال لإثبات الذات وتنمية قدراتها في مختلف الميادين، احتراما لمبدأ المناصفة.
السياق العام لتنزيل المشروع في المغرب، وفي برنامج عمل الجماعة بأكادير:
في سياق برنامج عمل جماعة أكادير 2017/2022، جاء مشروع المدينة الذكية . ويمكن التطرق إلى هذا المشروع من خلال المستويات التالية:
منهجية إنجاز إعداد برنامج العمل:
أعطيت الانطلاقة الرسمية لإعداد برنامج العمل يوم 14/4/2016، بحضور العديد من الفاعلين: والي جهة سوس ماسة، برلمانيون، أعضاء المجلس، رؤساء المصالح الخارجية، والغرف المهنية، وبعض الجمعيات.
وحسب ما جاء في الخطة التشخيصية للجماعة، فقد استندت الجماعة إلى تشخيص خارجي عبر نوعين من الورشات:
-
ورشات معتمدة على التقسيم الجغرافي يومي 7/8 ماي 2016، حضرها حوالي 400 ممثل للجمعيات؛
-
ورشات موضوعاتية مع المصالح الخارجية.
غير أن المجلس لم يقم بتشكيل إحدى أهم الهيئات التشاورية قبل إعداد البرنامج، وهي هيئة المساواة تكافؤ الفرص ومقاربة النوع، ولم يتم تشكيلها إلا بعد إتمام عملية الإعداد. وهذا حسب ما ورد في مقابلة بحثية تم إجراؤها مع عضو سابق باللجنة.
على مستوى الحاجيات:
من بين نتائج اللقاءات التشاورية مع جمعيات المجتمع المدني، تم اقتراح ضرورة ولوج مدينة أكادير ضمن نادي المدن الذكي.
نتائج البحث الميداني:
حسب مقابلة تم إجراؤها مع أحد الموظفين بجماعة أكادير، وهو موظف شارك في إعداد تصور مشروع المدينة الذكية، الذي وصف تجربة المشروع في الولاية السابقة بالضعيف، حيث لم تكن هناك مشاريع على مستوى الواقع، بل كان المشروع متوقفا، حسب المستجوب، حول إنجاز دراسة حول منظومة معلوماتية مندمجة للتدبير، ولم تصل نسبتها في الولاية السابقة إلا أقل من 40 في المائة، وهو ما يتعارض مع التقرير السنوي الذي نشرته الجماعة.
أما على مستوى الواقع فإنالمشاريع المدرجة في التقرير السنوي لسنة 2019 كتجهيز المدينة بعلامات التشوير التوجيهي، فهو مشروع وحيد وُضع على مستوى حي تيتلا وتمت إزالته في إطار الأشغال التي تعرفها المدينة في إطار برنامج التنمية الحضرية.
التوصيات وخلاصات:
على سبيل الختم، لابد من الوقوف عند أهم العراقيل التي وقفت عائقا في عملية تقييم المشروع:
-
صعوبة الوصول إلى بعض الوثائق الأساسية في عملية التقييم وخصوصا الميزانيات السنوية، بما يتعارض مع الفصل 27 من دستور المغرب لسنة 2011، والقانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات؛
-
وجود قطيعة تدبيرية ومعلوماتية بين أعضاء المجلس الحالي للمدينة والسابقين؛
-
تداخل بعض المشاريع المدرجة في برنامج عمل الجماعة السابق، وبعض البرامج والمخططات الأخرى، لاسيما برنامج التنمية الحضرية.
بالرجوع إلى عملية التقييم أعلاه من الملاحظ:
-
أن أغلب المشاريع المدرجة في البرنامج لم يتم إنجازها ضمن الخطة الزمنية المعلنة. وحسب البحث الميداني الذي قامت به المنظمة، فإن الطريقة التي أنجز بها التقرير السنوي، لم تحترم الصدقية العلمية في وضع النسب والأرقام.
التوصيات:
-
ضرورة الانفتاح على بعض الجمعيات والخبراء المهتمين بموضوع المدينة الذكية وتنظيم ورشات وأيام دراسية مع الاعتماد على الخبرات الدولية}
-
عقد شراكات مع جماعات في دول أخرى متقدمة في مجال التطوير الرقمي والإستدامة، (توأمة المدن).